أما في الربع الثاني عشر والأخير منها فقد تحدثت السورة الكريمة عن وحدة الرسالة الإلهية.
وبينت أن الله- تعالى- قد أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم كما أوحى إلى النبيين من قبله، وأن حكمته- سبحانه- قد اقتضت أن يرسل رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ.
ثم وجهت في أواخرها نداء عاما إلى الناس تأمرهم فيه بالإيمان بما جاءهم به النبي صلى الله عليه وسلم. كما وجهت نداء آخر إلى أهل الكتاب تنهاهم فيه عن السير في طريق الضلالة، وعن الأقوال الباطلة التي قالوها في شأن عيسى، فإن عيسى كغيره من البشر من عباد الله- تعالى-، ولن يستنكف أن يكون عبدا لله- تعالى-:
وكما تحدثت السورة الكريمة في أوائلها عن بعض أحكام الأسرة، فقد اختتمت بالحديث عن ذلك، لكي تبين للناس أن الأسرة هي عماد المجتمع، وهي أساسه الذي لا صلاح له إلا بصلاحها.
هذا عرض إجمالى لبعض المقاصد السامية، والآداب العالية، والتشريعات الحكيمة، والتوجيهات القويمة التي اشتملت عليها السورة الكريمة.
ومن هذا العرض نرى أن سورة النساء- كما يقول بعض العلماء-: «قد عالجت أحوال المسلمين فيما يتعلق بتنظيم شئونهم الداخلية، عن طريق إصلاح الأسرة وإصلاح المال في ظل تشريع قوى عادل، مبنى على مراعاة مقتضيات الطبيعة الإنسانية، مجرد من تحكيم الأهواء والشهوات.
وذلك إنما يكون إذا كان صادرا عن حكيم خبير بنزعات النفوس واتجاهاتها وميولها.