هذا، وظاهر هذه الآية الكريمة يقتضى أنه ليس هناك محرم من المطعومات سوى هذه الأربعة، لكنا نعلم في الشرع أن هناك مطعومات أخرى قد حرم على المسلّم تناولها كلحوم الحمر الأهلية، فعل هذا تكون لفظة «إنما» متروكة الظاهر في العمل- كما قال الإمام الرازي- أى: أن الحصر فيها غير مقصود وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- في سورة الأنعام: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ، أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «١» .
ثم تحدث القرآن عن سوء عاقبة الذين يكتمون ما أمر الله بإظهاره وتوعدهم بأقسى ألوان العذاب فقال- تعالى-:
الكتم والكتمان: إخفاء الشيء قصدا مع تحقق الداعي إلى إظهاره.
وقد تحدث القرآن- قبل هذه الآيات بقليل- في قوله- تعالى- إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى عن المصير الأليم الذي توعد الله به أولئك الكاتمين لما أمر الله بإظهاره، وأعاد الحديث عن سوء عاقبتهم هنا لكي ينذرهم مرة بعد أخرى حتى يقلعوا عن هذه الرذيلة التي هي من أبشع الرذائل وأقبحها، ولكي يغرس في قلوب الناس- وخصوصا
(١) الآية ١٤٥. وراجع كتابنا «تفسير سورة الأنعام» في معنى الآية ص ٣٠٨.