قال ابن كثير رحمه الله: يقول- تعالى- مخبرا عن مريم، أنها لما قال لها جبريل عن الله- تعالى- ما قال: أنها استسلمت لقضائه- تعالى-، فذكر غير واحد من علماء السلف، أن الملك وهو جبريل- عليه السلام- عند ذلك نفخ في جيب درعها، فنزلت النفخة حتى ولجت في الفرج، فحملت بالولد بإذن الله- تعالى- ...
والمشهور عن الجمهور أنها حملت به تسعة أشهر. قال عكرمة: ثمانية أشهر. وعن ابن عباس أنه قال: لم يكن إلا أن حملت فوضعت، وهذا غريب، وكأنه مأخوذ من ظاهر قوله- تعالى-: فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ. فالفاء وإن كانت للتعقيب، لكن تعقيب كل شيء بحسبه.
فالمشهور الظاهر- والله على كل شيء قدير- أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن ... » «١» .
والفاء في قوله- تعالى-: فَحَمَلَتْهُ.. هي الفصيحة أى: وبعد أن قال جبريل لمريم إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ... نفخ فيها فحملته، أى: عيسى، فانتبذت به، أى: فتنحت به وهو في بطنها مَكاناً قَصِيًّا أى: إلى مكان بعيد عن المكان الذي يسكنه أهلها.