للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَوابَ الدُّنْيا يعنى عرض الدنيا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ يعنى: أن جزاءه في الدنيا منها هو ما يصيب من المغنم. وأما ثوابه في الآخرة فنار جهنم «١» .

والذي نراه أولى أن الآية الكريمة تخاطب الناس عامة، فتبين لهم أن خير الدنيا بيد الله وخير الآخرة أيضا بيد الله، فإن اتقوه نالوا الخيرين، وتنبههم إلى أن من الواجب عليهم ألا يشغلهم طلب خير الدنيا عن طلب خير الآخرة. بل عليهم أن يقدموا ثواب الآخرة على ثواب الدنيا.

عملا بقوله- تعالى- في آية أخرى: وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا. ولا نرى مقتضيا لتخصيص الآية بالمنافقين كما- يرى ابن جرير- رحمه الله.

وقوله- تعالى- وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً تذييل قصد به حض الناس على الإخلاص في أقوالهم وأعمالهم.

أى: وكان الله- تعالى- سميعا لكل ما يجهر به الناس ويسرونه، بصيرا بأحوالهم الظاهرة والخفية، وسيجازيهم بما يستحقونه من ثواب أو عقاب، يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.

ثم وجه- سبحانه- بعد ذلك نداءين متتاليين إلى المؤمنين أمرهم فيهما بالمداومة على التمسك بفضيلة العدل في جميع الظروف والأحوال، وبالثبات على الإيمان الحق الذي ينالون به ثواب الله ورضاه، وتوعد الذين ينحرفون عن طريق الحق بسوء العاقبة فقال- تعالى-:

[سورة النساء (٤) : الآيات ١٣٥ الى ١٣٦]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٣٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١٣٦)


(١) تفسير ابن جرير ج ٥ ص ٣٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>