قال الفخر الرازي: قوله- تعالى- وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ، وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ اعلم أن في اتصال هذه الآية بما قبلها وجوه:
الأول: أنه- تعالى- خاطب المؤمنين فيما تقدم فقال: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا. ثم ذكر الآن أنه أخذ الميثاق من بنى إسرائيل لكنهم نقضوه وتركوا الوفاء به، فلا تكونوا- أيها المؤمنون- مثلهم في هذا الخلق الذميم.
الثاني: أنه لما ذكر قوله: اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ وقد ذكرت بعض الروايات أنها نزلت في اليهود، وأنهم أرادوا إيقاع الشر بالمؤمنين. فلما ذكر- سبحانه ذلك أتبعه بذكر فضائحهم، وبيان أنهم كانوا أبدا مواظبين على نقض العهود والمواثيق.
الثالث: أن الغرض من الآيات المتقدمة ترغيب المكلفين في قبول التكاليف وترك التمرد والعصيان. فذكر- سبحانه- أنه كلف من كان قبل المسلمين كما كلفهم ليعلموا أن عادة الله في التكليف والإلزام غير مخصوصة بهم، بل هي عادة جارية له مع جميع عباده» «١» .
والميثاق: العهد الموثق المؤكد، مأخوذ من لفظ وثق المتضمن معنى الشد والربط على الشيء بقوة وإحكام.
والمراد به: ما أخذه الله على بنى إسرائيل لكي يؤدوا ما أوجب عليهم من تكاليف ولكي يعملوا بما تضمنته التوراة من أحكام وتشريعات وغير ذلك مما جاء فيها.
والنقيب: كبير القوم. والكفيل عليهم والمنقب عن أحوالهم وأسرارهم فيكون شاهدهم