للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بين- سبحانه- عاقبتهم فقال: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.

الأجر: الجزاء على العمل، وسمى الله ما يعطيه للمؤمن العامل أجرا على سبيل التفضل منه.

وقال: عِنْدَ رَبِّهِمْ ليدل على عظم الثواب، لأن ما يكون عند الله من الجزاء على العمل لا يكون إلا عظيما، ولأن المجازى لهم هو ربهم المنعوت بصفات الكرم والرحمة وسعة العطاء.

والمعنى: إن هؤلاء الذين آمنوا بالله عن تصديق وإذعان، وقدموا العمل الصالح الذي ينفعهم يوم لقائه، هؤلاء لهم أجرهم العظيم عند ربهم، ولا يفزعون من هول يوم القيامة كما يفزع الكافرون، ولا يفوتهم نعيم، فيحزنون عليه كما يحزن المقصرون.

ثم واصل القرآن حديثه مع بنى إسرائيل، فذكرهم بنعمة شمول الله إياهم برحمته وفضله رغم توليهم عن طاعته ونقضهم لميثاقه فقال تعالى:

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٦٣ الى ٦٤]

وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٤)

قال ابن جرير: «وكان سبب أخذ الميثاق عليهم فيما ذكره ابن زيد، ما حدثني به يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال ابن زيد: لما رجع موسى من عند ربه بالألواح قال لقومه بنى إسرائيل: إن هذه الألواح فيها كتاب الله، وأمره الذي أمركم به ونهيه الذي نهاكم عنه. فقالوا: ومن يأخذ بقولك أنت، لا والله حتى نرى الله جهرة، حتى يطلع الله علينا فيقول: «هذا كتابي فخذه» فما له لا يكلمنا كما كلمك أنت يا موسى: قال فجاءت غضبة من الله، فجاءتهم صاعقة فصعقتهم فماتوا جميعا، قال: ثم أحياهم الله بعد موتهم فقال لهم موسى: خذوا كتاب الله. فقالوا: لا. قال: أى شيء أصابكم؟ قالوا: متنا جميعا، ثم حيينا

<<  <  ج: ص:  >  >>