للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإخراج الرسول صلى الله عليه وسلم منها، كما قال- تعالى-: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها ... ولهذا أورث الله- تعالى- رسوله مكة، فدخلها، وقهر أهلها، ثم أطلقهم حلما وكرما، كما أورث الله القوم الذين كانوا مستضعفين من بنى إسرائيل، مشارق الأرض ومغاربها. وأورثهم بلاد فرعون ... » «١» .

ثم ختم- سبحانه- الآيات الكريمة بقوله: فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً.

أى: فإذا جاء وعد الدار الآخرة، أى: الموعد الذي حدده الله- تعالى- لقيام الساعة، أحييناكم من قبوركم، وجئنا بكم جميعا أنتم وفرعون وقومه مختلطين أنتم وهم، ثم نحكم بينكم وبينهم بحكمنا العادل.

واللفيف: اسم جمع لا واحد له من لفظه، ومعناه الجماعة التي اجتمعت من قبائل شتى.

يقال: هذا طعام لفيف، إذا كان مخلوطا من جنسين فصاعدا.

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد حكت لنا جانبا مما دار بين موسى- عليه السلام- وبين فرعون من محاورات ومجادلات، وبينت لنا سنة من سنن الله- تعالى- التي لا تتخلف في نصرة المؤمنين، ودحر الكافرين.

ثم عادت السورة الكريمة إلى التنويه بشأن القرآن الكريم، وأثنت على المؤمنين من أهل الكتاب الذين تأثروا تأثرا بليغا عند سماعه، فقال- تعالى-:

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١٠٥ الى ١٠٩]

وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (١٠٥) وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً (١٠٦) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (١٠٩)


(١) تفسير ابن كثير ج ٥ ص ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>