وقد أرسل الله- تعالى- لوطا إلى قرية سدوم- من قرى الشام- وكان أهلها يعبدون الأصنام ويرتكبون الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين.
أى: وَإِنَّ لُوطاً- عليه السلام- لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ الذين أرسلناهم لهداية الناس، إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ أى: اذكر- أيها العاقل- وقت أن نجيناه وجميع المؤمنين معه، بفضلنا ورحمتنا.
إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ والمراد بالعجوز: امرأته التي بقيت على كفرها وكانت تفشى أسرار زوجها. أى: نجينا لوطا والمؤمنين معه من أهله، إلا عجوزا بقيت في العذاب مع القوم الغابرين أى: مع الباقين في العذاب.
ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ
أى: ثم دمرنا القوم الآخرين الباقين على كفرهم، كما دمرنا من بقي على كفره من أهل لوط، كامرأته التي أعرضت عن دعوة الحق، وانحازت إلى قومها المفسدين.
ثم وجه- سبحانه- الخطاب لمشركي قريش فقال: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ
؟.
أى: وإنكم يا أهل مكة لتمرون على مساكن قوم لوط المهلكين، وأنتم سائرون إلى بلاد الشام، تارة تمرون عليهم وأنتم داخلون في وقت الصباح، وتارة تمرون عليهم وأنتم داخلون في وقت الليل، وترون بأعينكم ما حل بهم من دمار.
وقوله أَفَلا تَعْقِلُونَ
معطوف على مقدر، أى: أتشاهدون ذلك فلا تعقلون، فالاستفهام للتوبيخ والحض على الاعتبار بأحوال الماضين.
ثم ختم- سبحانه- هذه القصص، بذكر جانب من قصة يونس- عليه السلام- فقال:
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٣٩ الى ١٤٨]
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣)
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨)