للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد هذا الحديث المتنوع عن قصص عدد كبير من الأنبياء في سورة الأنبياء، عقب- سبحانه- على ذلك ببيان أنهم- عليهم السلام- قد جاءوا بعقيدة واحدة، هي إخلاص العبادة لله- تعالى- فقال:

[[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٩٢]]

إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢)

ولفظ الأمة يطلق بإطلاقات متعددة. يطلق على الجماعة كما في قوله- تعالى- وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ.. «١» . ويطلق على الرجل الجامع للخير، كما في قوله- تعالى-: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً.. «٢» . ويطلق على الحين والزمان، كما في قوله- سبحانه-: وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ.. «٣» أى وتذكر بعد حين من الزمان.

والمراد بالأمة هنا: الدين والملّة. كما في قوله- تعالى-: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ.. «٤» أى: على دين وملة معينة.

والمعنى: إن ملة التوحيد التي جاء بها الأنبياء جميعا. هي ملتكم ودينكم أيها الناس، فيجب عليكم أن تتبعوا هؤلاء الأنبياء، وأن تخلصوا لله- تعالى- العبادة والطاعة، فهو- سبحانه- ربكم ورب كل شيء، فاعبدوه حق العبادة لتنالوا رضاه ومحبته.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك حال الناس من الدين الواحد الذي جاء به الرسل، وعاقبة من اتبع الرسل وعاقبة من خالفهم فقال:

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٩٣ الى ١٠٠]

وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ (٩٣) فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ (٩٤) وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (٩٥) حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ (٩٧)

إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (٩٨) لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ (١٠٠)


(١) سورة القصص الآية ٢٣.
(٢) سورة النحل الآية ١٢٠.
(٣) سورة يوسف الآية ٤٥.
(٤) سورة الزخرف الآية ٢٢. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>