للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله تعالى: فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى.

هذا، وقد حذر الإسلام من تعاطى السحر للاذى، وجاءت تعاليمه بذمه وتحريمه، وتوعدت مرتكبه بالعقوبات الأليمة، ففي الحديث الشريف «حد الساحر ضربه بالسيف» .

وقد أفتى بعض الفقهاء بقتل الساحر لأنه زنديق، وبعضهم أفتى بأن الساحر إذا كان قد أحدث في المسحور جناية توجب القصاص اقتص منه، وإن كان قد أحدث به ما لا قصاص فيه، حكم عليه بدية مناسبة.

وبعد، فهذه كلمة ذكرناها عن السحر، لم نقصد بها الخوض في تفصيلاته. وإنما قصدنا بها إعطاء القارئ فكرة مختصرة عنه بمناسبة حديثنا عن رذائل اليهود التي منها نبذهم لكتاب الله واتباعهم للأوهام والأباطيل والأكاذيب.

ثم وجه القرآن نداء إلى المؤمنين نهاهم فيه عن مخاطبة النبي صلّى الله عليه وسلّم بألفاظ معينة حتى لا يتخذها اليهود ذريعة للإساءة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال تعالى:

[[سورة البقرة (٢) : آية ١٠٤]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤)

راعِنا من المراعاة، وهي المبالغة في الرعي بمعنى حفظ الغير، وإمهاله، وتدبير أموره، وتدارك مصالحه، وكان المؤمنون يقولون لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا حدثهم بحديث راعنا يا رسول الله، أى: راقبنا وانظرنا حتى نفهم كلامك ونحفظه، فتلقف اليهود هذه الكلمة لموافقتها كلمة سيئة عندهم، وأخذوا يلوون بها ألسنتهم، ويقولون «راعنا» يا أبا القاسم، يظهرون أنهم يريدون طلب المراعاة والانتظار، وهم يريدون في الحقيقة الإساءة إليه صلّى الله عليه وسلّم إذ أن هذه الكلمة عبرية كانوا يتسابون بها يقصدون جعله راعيا من رعاة الغنم أو من الرعونة التي هي الحمق والخفة، فنهى الله- تعالى- المسلمين عن استعمال هذه الكلمة حتى لا يتخذها اليهود وسيلة إلى إيذاء النبي صلّى الله عليه وسلّم والتنقيص من شأنه.

قال قتادة: «كانت اليهود تقول للنبي صلّى الله عليه وسلّم راعنا سمعك، يستهزئون بذلك وكانت- هذه الكلمة- في اليهود قبيحة» .

وقال الإمام ابن كثير: «نهى الله- تعالى- عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>