للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلال بيوتهم وأذلهم وقهرهم، جزاء وفاقا، وما ربك بظلام للعبيد، فإنهم كانوا قد تمردوا وقتلوا خلقا من الأنبياء والعلماء» «١» .

وقول الإمام الرازي: «واعلم أنه لا يتعلق كثير غرض في معرفة أولئك الأقوام بأعيانهم، بل المقصود هو أنهم لما أكثروا من المعاصي. سلط عليهم أقواما قتلوهم وأفنوهم» «٢» .

وقد بسطنا في تفسير هذه الآيات الكريمة، بصورة أكثر تفصيلا في غير هذا المكان، فليرجع إليه من شاء الاستزادة «٣» .

وبعد أن بين- سبحانه- أنه قد آتى موسى- عليه السلام- التوراة لتكون هداية لبنى إسرائيل، وأنه- عز وجل- قد قضى فيهم بقضائه العادل. أتبع ذلك بالثناء على القرآن الكريم، فقال- تعالى-:

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٩ الى ١٠]

إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٠)

قال الفخر الرازي: اعلم أنه- تعالى- لما شرح ما فعله في حق عباده المخلصين، وهو الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وإيتاء الكتاب لموسى- عليه السلام-، وما فعله في حق العصاة والمتمردين وهو تسليط أنواع البلاء عليهم، كان ذلك تنبيها على أن طاعة الله توجب كل خير وكرامة، ومعصيته توجب كل بلية وغرامة، لا جرم أثنى- سبحانه- على القرآن فقال: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ «٤» .

والفعل يَهْدِي مأخوذ من الهداية، ومعناها: الإرشاد والدلالة بلطف إلى ما يوصل إلى البغية. والمفعول محذوف. أى: يهدى الناس.


(١) تفسير ابن كثير المجلد ٥ ص ٤٤.
(٢) تفسير الفخر الرازي ج ٢٠ ص ١٥٦.
(٣) راجع كتابنا «بنو إسرائيل في القرآن والسنة» ج ٢ من ص ٣٤٧ إلى ص ٣٩٦.
(٤) تفسير الفخر الرازي ج ٢٠ ص ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>