وَهُمْ يَنْظُرُونَ أى: وهم يرونها عيانا، لأن العذاب- كما تشير الآية- نزل بهم نهارا.
فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ أى: أنه حين نزل بهم عذابنا، أعجزهم عن الحركة، وشل حواسهم، فما استطاعوا أن يهربوا منه. وما قدروا على القيام بعد أن كانوا قاعدين، وما نصرهم من بأسنا ناصر.
ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات بلمحة عن قصة نوح- عليه السلام- فقال وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ أى: وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء جميعا بالطوفان.
إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ أى: خارجين عن طاعتنا، منغمسين في الكفر والعصيان.
وهكذا ساقت السورة الكريمة جانبا من قصص هؤلاء الأنبياء، ليكون في ذلك تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتذكرة للمتذكرين.
وبعد هذا الحديث عن هؤلاء الأقوام.. جاء الحديث عن مظاهر قدرة الله- تعالى- وسعة رحمته، ووافر نعمه، وحض الناس على شكره- تعالى- وطاعته. فقال- عز وجل-:
[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٤٧ الى ٥١]
وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (٤٨) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١)
ولفظ السَّماءَ ... منصوب على الاشتغال. أى: وبنينا السماء بنيناها بِأَيْدٍ أى: بقوة وقدرة. يقال: آد الرجل يئيد- كباع- إذا اشتد وقوى.
وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ أى: وإنا لقادرون على توسعتها بتلك الصورة العجيبة من الوسع بمعنى القدرة والطاقة، يقال: أوسع الرجل، أى: صار ذا سعة، والمفعول محذوف، أى: وإنا لموسعون السماء، أو الأرزاق.
فالجملة تصوير بديع لمظاهر قدرة الله، وكمال قوته، وواسع فضله.
وَالْأَرْضَ فَرَشْناها أى: وفرشنا الأرض بقدرتنا- أيضا-، بأن مهدناها وبسطناها وجعلناها صالحة لمنفعتكم وراحتكم.