للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متى ما يقل حر لصاحب حاجة نعم، يقضها، والحر للوعد ضامن وقوله- تعالى-: وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا أى: وكان من رسلنا الذين أرسلناهم لتبليغ شريعتنا، ومن أنبيائنا الذين رفعنا منزلتهم وأعلينا قدرهم.

قالوا: وكانت رسالته بشريعة أبيه إلى قبيلة جرهم من عرب اليمن، الذين نزلوا على أمه هاجر بوادي مكة حين خلفها إبراهيم هي وابنها بذلك الوادي، فسكنوا هناك حتى كبر إسماعيل وزوجوه منهم، وأرسله الله- تعالى- إليهم» «١» .

ثم وصفه الله- تعالى- بصفة كريمة ثالثة فقال: وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ....

أى: وكان بجانب حرصه على أداء هاتين الفريضتين، يأمر أهله وأقرب الناس إليه بالحرص على أدائهما حتى يكون هو وأهله قدوة لغيرهم في العمل الصالح.

وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يفعل ذلك الذي أثنى الله به على نبيه إسماعيل استجابة لقوله- تعالى-: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها ...

قال الإمام ابن كثير: «وقد جاء في الحديث عن أبى هريرة قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء» .

وعن أبى سعيد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين، كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات» .

ثم ختم- سبحانه- هذه الصفات الجميلة التي مدح بها نبيه إسماعيل فقال: وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا.

أى: وكان إسماعيل عند ربه مرضى الخصال، لاستقامته في أقواله وأفعاله، وللصدق في وعده، ولأمره أهله بالصلاة والزكاة، ولا شك أن من جمع هذه المناقب كان ممن رضى الله عنهم ورضوا عنه.

ثم ختم الله هذا الحديث عن بعض الأنبياء، بذكر جانب من قصة إدريس- عليه السلام- فقال:

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٥٦ الى ٥٧]

وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧)


(١) حاشية الجبل على الجلالين ج ٣ ص ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>