إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم اعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم اعط ممسكا تلفا.
وبذلك نرى الآيات الكريمة قد حكت جانبا من شبهات المشركين، ومن أقوالهم الباطلة، وردت عليهم بما يزهق باطلهم، ويمحو شبهاتهم، لكي يزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم.
ثم بين- سبحانه- حال أولئك المشركين يوم القيامة، وكيف أن الملائكة يكذبونهم في مزاعمهم، فقال- تعالى-:
أى: واذكر- أيها العاقل- لتعتبر وتتعظ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً أى: يجمع الله- سبحانه- الكافرين جميعا. الذين استضعفوا في الدنيا والذين استكبروا.
ثُمَّ يَقُولُ- عز وجل- لِلْمَلائِكَةِ على سبيل التبكيت والتقريع للمشركين أَهؤُلاءِ الكافرون إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ أى: أهؤلاء كانوا يعبدونكم في الدنيا.
وتخصيص الملائكة بالخطاب مع أن من الكفار من كان يعبد الأصنام، ومن كان يعبد غيرها، لأن المقصود من الخطاب حكاية ما يقوله الملائكة في الرد عليهم.
قال صاحب الكشاف: هذا الكلام خطاب للملائكة. وتقريع للكفار وارد على المثل السائر: إياك أعنى واسمعي يا جارة، ونحوه قوله- تعالى- لعيسى: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وقد علم- سبحانه- كون الملائكة وعيسى، منزهين برآء مما وجه عليهم من السؤال، والغرض أن يقول ويقولوا، ويسأل ويجيبوا، فيكون التقريع