رؤس الأشهاد فقال: قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ أى قل لهم يا محمد: إن الفضل- الذي يتناول النبوة وغيرها من نعم الله على عباده- هذا الفضل وذلك العطاء بيد الله- تعالى- وحده، وهو- سبحانه- المتفضل به على من يشاء التفضل عليه من عباده، وإذا كان- سبحانه- قد جعل النبوة في بنى إسرائيل لفترة من الزمان، فذلك بفضل منه ورحمته، وإذا كان قد سلبها عنهم لأنهم لم يرعوها حق رعايتها وجعلها في هذا النبي العربي فذلك- أيضا- بفضله ورحمته، وهو- سبحانه- أعلم حيث يجعل رسالته، وهو- سبحانه- صاحب الاختيار المطلق في أن يؤتى فضله لمن يشاء من عباده. وهو- سبحانه واسِعٌ الرحمة والفضل عَلِيمٌ بمن يستحقهما وبمن لا يستحقهما.
ثم قال- تعالى- يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ أى يختص بالنبوة وما يترتب عليها من الهداية والنعم من يشاء من عباده.
وقوله وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ أى هو- سبحانه- صاحب الجود العميم والفضل العظيم، فلا عظمة تساوى عظمة فضل الله- تعالى- على خلقه، وإنما هو وحده صاحب النعم التي لا تحصى على عباده، فعليهم أن يشكروه وأن يفردوه بالعبادة والخضوع.
وبذلك تكون الآيات الكريمة قد كشفت عن مسلك من مسالك اليهود الماكرة التي أرادوا من ورائها كيد الإسلام والمسلمين، وفي هذا الكشف تنبيه للمسلمين إلى ما يبيته لهم هؤلاء الأعداء من شرور وآثام حتى يحذروهم.
ثم حكى القرآن لونا آخر من ألوان مزاعم اليهود الباطلة، وأقاويلهم الكاذبة، وهو دعواهم أنهم ليس عليهم في الأميين سبيل، أى أن كل من كان على غير ملتهم فإنه مهدور الحقوق، ثم رد عليهم بما يدحض مزاعمهم ويثبت أنهم ليسوا أهلا لاختصاصهم بالنبوة والرحمة فقال تعالى: