والضمير في قوله: فَجَعَلْناها يعود إلى العقوبة التي هي مسخهم قردة و «نكالا» أى عبرة تنكل المعتبر بها بحيث تمنعه وتردعه من ارتكاب الشر.
يقال: نكل به تنكيلا إذا صنع به صنعا يردعه ويجعل غيره يخاف ويحذر. والاسم النكال وهو ما نكلت به غيرك، وأصله من النكل- بالكسر- وهو القيد الشديد وجمعه أنكال.
وقوله: «لما بين يديها وما خلفها. أى: للذين كانوا قبل هذه العقوبة وعاشوا حتى شاهدوها، وللذين أتوا بعدها وعرفوا عن يقين خبرها.
والمعنى: فجعلنا هذه العقوبة عبرة زاجرة لمن كان قبلها وعاش حتى رآها ولمن أتى بعدها وعلم يقينا بحال العادين في السبت الذين مسخوا بسبب عصيانهم تحذيرا له من أن يعمل عملهم، فيمسخ كما مسخوا، ويحل به العذاب الذي حل بهم. كما جعلناها أيضا مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ الذين يسمعون قصتها فهم الذين من شأنهم أن ينتفعوا بالعظات، ويعتبروا بالمثلات.
ثم ساق القرآن بعد ذلك قصة من قصص بنى إسرائيل تدل على تنطعهم في الدين، ومحاولتهم تضييق ما وسعه الله عليهم، وتهربهم من الانصياع لكلمة الحق، وتشككهم في صدق أنبيائهم، وتعنتهم في السؤال. وهذه القصة هي قصة أمرهم على لسان نبيهم موسى- عليه السلام- بذبح بقرة. استمع إلى القرآن الكريم، وهو يحكى هذه القصة بأسلوبه البليغ الحكيم فيقول.