للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للأهواء الباطلة، نابذون للأدلة العقلية، وفي هذا أكبر برهان على انطماس بصيرتهم، وبنائهم لدينهم على الأوهام والأباطيل.

وجملة قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً جواب لشرط مقدر. أى: إن اتبعت أهواءكم فقد ضللت إذا وما اهتديت.

وجملة وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ معطوفة على جملة قَدْ ضَلَلْتُ ومؤكدة لمضمونها أى: إنه إن فعل ذلك- على سبيل الفرض والتقدير- خرج عن الحالة التي هو عليها الآن من كونه في عداد المهتدين إلى كونه في زمرة الضالين.

والتعبير بقوله وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ أبلغ من قوله وما أنا مهتد، لأن التعريف في المهتدين تعريض للجنس، وإخبار المتكلم عن نفسه بأنه من المهتدين يفيد أنه واحد من الفئة التي تعرف عند الناس بفئة المهتدين، فيفيد أنه مهتد بطريقة تشبه طريقة الاستدلال، فهو من قبيل الكناية التي هي إثبات الشيء بإثبات ملزومه وهي أبلغ من التصريح. ولذا قال صاحب الكشاف:

قولك فلان من العلماء أبلغ من قولك فلان عالم، لأنك تشهد له بكونه معدودا في زمرتهم ومعرفة مساهمته معهم في العلم» .

وبعد أن أمر الله- تعالى- نبيه بمصارحة المشركين بأنه لن يكون في يوم من الأيام متبعا لأهوائهم، أمره أن يخبرهم بأنه على الحق الواضح الذي لا يضل متبعه، وبأن الله وحده هو الذي سيقضي بينه وبينهم فقال- تعالى-:

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٥٧ الى ٥٩]

قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ (٥٧) قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (٥٨) وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٥٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>