وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال: بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم.. فمن وفي منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا، فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه، فهو إلى الله، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه «١» .
وكما افتتح- سبحانه- السورة الكريمة بنداء للمؤمنين، نهاهم فيه عن موالاة أعدائه وأعدائهم، اختتمها- أيضا- بنداء لهم، نهاهم فيه مرة أخرى عن مصافاة قوم قد غضب الله عليهم، فقال- تعالى-:
والمراد بالقوم الذين غضب الله عليهم: المشركون، بصفة عامة، ويدخل فيهم دخولا أوليا اليهود، لأن هذا الوصف كثيرا ما يطلق عليهم.
فقد ذكروا في سبب نزول هذه الآية، أن قوما من فقراء المؤمنين، كانوا يواصلون اليهود.
ليصيبوا من ثمارهم، وربما أخبروهم عن شيء من أخبار المسلمين، فنزلت الآية لتنهاهم عن ذلك.
أى: يا من آمنتم بالله- تعالى- حق الإيمان، ينهاكم الله- تعالى- عن أن تتخذوا الأقوام الذين غضب الله عليهم أولياء، وأصفياء، بأن تفشوا إليهم أسرار المسلمين، أو بأن تطلعوهم على ما لا يصح الاطلاع عليه.
وقوله- تعالى-: قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ تعليل للنهى عن موالاتهم، وتنفير من الركون إليهم.
واليأس: فقدان الأمل في الحصول على الشيء، أو في توقع حدوثه.
والكلام على حذف مضاف، أى قد يئس هؤلاء اليهود من العمل للآخرة وما فيها من ثواب، وآثروا عليها الحياة الفانية.. كما يئس الكفار من عودة موتاهم إلى الحياة مرة أخرى