للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حياتهم الباقية، كما هي سنة القرآن في الجمع بين الترغيب والترهيب والوعد والوعيد فقال- تعالى-:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٥]]

وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥)

البشارة: الخبر السار فهو أخص من الخبر، سمى بذلك لأن أثره يظهر على البشرة وهي ظاهر جلد الإنسان، والمأمور بالتبشير هو النبي صلّى الله عليه وسلّم أو كل من يتأتى منه تفخيما لأمره، وتعظيما لشأنه.

والصالحات: جمع صالحة وهي الفعلة الحسنة، وهي من الصفات التي جرت مجرى الأسماء في إيلائها العوامل.

والجنات: جمع جنة، وهي كل بستان ذي شجر متكاثف، ملتف الأغصان، يظل ما تحته ويستره، من الجن وهو ستر الشيء عن الحاسة، ثم صارت الجنة اسما شرعيا لدار النعيم في الآخرة، وهي سبع درجات:

جنة الفردوس، وجنة عدن، وجنة النعيم، ودار الخلد، وجنة المأوى، ودار السلام، وعليون ... وتتفاوت منازل المؤمنين في كل درجة بتفاوت الأعمال الصالحة.

والأنهار جمع نهر- بفتح الهاء وسكونها والفتح أفصح- وهو الأخدود الذي يجرى فيه الماء على الأرض، وهو مشتق من مادة نهر الدالة على الانشقاق والاتساع، ويكون كبيرا أو صغيرا.

وأسند إليه الجري في الآية مع أن الذي يجرى في الحقيقة هو الماء، أخذا بفن معروف بين البلغاء، وهو إسناد الفعل إلى مكانه، توسعا في أساليب البيان.

وقوله: «من تحتها» وارد على طريقة الإيجاز بحذف كلمة «أشجار» اعتمادا على تبادرها إلى الذهن، والمعنى: تجرى من تحت أشجارها الأنهار. ثم بين- سبحانه- أحوال هؤلاء المؤمنين الصالحين فقال:

كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً. قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>