أى: أتعبدون صنما صنعتموه بأيديكم، وتذرون عبادة الله- تعالى- الذي هو ربكم ورب آبائكم الأولين.
وقرأ غير واحد من القراء السبعة اللَّهَ- بالرفع- على أنه مبتدأ، ورَبَّكُمْ خبره.
والتعرض لذكر ربوبيته- تعالى- لآبائهم الأولين، الغرض منه التأكيد على بطلان عبادتهم لغيره- سبحانه- فكأنه يقول لهم: إن الله- تعالى- الذي أدعوكم لعبادته وحده ليس هو ربكم وحدكم بل- أيضا- رب آبائكم الأولين، الذين من طريقهم أتيتم إلى هذه الحياة.
وقوله- تعالى- فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ بيان لموقفهم من نبيهم، ولما حل بهم من عذاب بسبب إعراضهم عن دعوته.
أى: دعا إلياس قومه إلى عبادة الله- تعالى- وحده، فكذبوه وأعرضوا عن دعوته، وسيترتب على تكذيبهم هذا، إحضارهم إلى جهنم إحضارا فيه ذلهم وهوانهم.
إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فإنهم ناجون من الإحضار الأليم، لأنهم سيكونون يوم القيامة محل تكريمنا وإحساننا.
وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ أى: وأبقينا على إلياس في الأمم الآخرين سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ أى: أمان وتحية منا ومنهم على إلياس ومن آمن معه.
إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ.
ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك جانبا من قصة لوط مع قومه. فقال- تعالى-:
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٣٣ الى ١٣٨]
وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٣) إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٣٥) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٣٦) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧)
وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٣٨)
ولوط- عليه السلام- هو ابن أخ لسيدنا إبراهيم- عليه السلام- وكان قد آمن به وهاجر معه، كما في قوله- تعالى-: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي.