وإن كان المقصود بها رضا الله- تعالى- وثواب الآخرة، وجدوا ثمارها ونتائجها الحسنة يوم القيامة، بجانب تمتعهم بما أحله الله لهم في الدنيا من طيبات.
وذلك لأن العمل للحياة الأخرى- في شريعة الإسلام- لا يحول بين العمل النافع في الحياة الدنيا، ولا ينقص شيئا من آثاره وثماره، بل إنه يزكيه وينميه ويباركه.. ورحم الله القائل: ليس أحد يعمل حسنة إلا وفّى ثوابها فإن كان مسلما مخلصا وفّى ثوابها في الدنيا والآخرة، وإن كان كافرا وفي ثوابها في الدنيا.
وبعد أن بين- سبحانه- حال الذين يريدون الحياة الدنيا وزينتها، أتبع ذلك بيان حال الذين يريدون الحق والصواب فيما يفعلون ويتركون فقال- تعالى-:
قال صاحب المنار ما ملخصه: البينة ما تبين به الحق من كل شيء بحسبه كالبرهان في العقليات والنصوص في النقليات، والخوارق في الإلهيات، والتجارب في الحسيات، والشهادات في القضائيات، والاستقراء في إثبات الكليات، وقد نطق القرآن بأن الرسل قد جاءوا أقوامهم بالبينات وأن كل نبي منهم كان يحتج على قومه بأنه على بينة من ربه وأنه جاءهم ببينة من ربهم، كما ترى في قصصهم في هذه السورة وفي غيرها ... » «١» .
وقوله: وَيَتْلُوهُ ... من التلو بمعنى الاقتفاء والاتباع. يقال: تلا فلان فلانا إذا كان تابعا له ومقتفيا أثره. والمراد به هنا: التأييد والتقوية.
وللمفسرين أقوال متعددة في المقصود بقوله- تعالى- أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وبقوله- سبحانه- وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ.