ومعنى الآية إجمالا: واذكروا يا بنى إسرائيل لتعتبروا وتستجيبوا للحق- وليذكر معكم كل من ينتفع بالذكرى- وقت أن أخذنا عليكم العهد، وأمرناكم بالعمل به على لسان رسلنا- عليهم السلام- وأمرناكم فيه بألا تعبدوا سوى الله، وأمرناكم فيه كذلك، بأن تحسنوا إلى آبائكم وتقوموا بأداء ما أوجبه الله لهما من حقوق، وأن تصلوا أقرباءكم وتعطفوا على اليتامى الذين فقدوا آباءهم، وعلى المساكين الذين لا يملكون ما يكفيهم في حياتهم، وأمرناكم فيه- أيضا- بأن تقولوا للناس قولا حسنا فيه صلاحهم ونفعهم، وأن تحافظوا على فريضة الصلاة، وتؤدوا بإخلاص ما أوجبه الله عليكم من زكاة، ولكنكم نقضتم أنتم وأسلافكم الميثاق، وأعرضتم عنه، إلا قليلا منكم استمروا على رعايته والعمل بموجبه.
والمراد ببني إسرائيل في الآية الكريمة، سلفهم وخلفهم، لأن هذه الأوامر والنواهي التي تناولتها الآية الكريمة، والتي هي مضمون العهد المأخوذ عليهم، قد أخذت عليهم جميعا على لسان أنبيائهم ورسلهم.
والدليل على أن المقصود ببني إسرائيل ما يتناول الخلف المعاصرين منهم للعهد النبوي، قوله تعالى في ختام هذه الآية ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ فإنه قد أسند إليهم فيه أنهم تولوا عن الميثاق معرضين، والاعراض عنه لا يكون إلا بعد أخذه عليهم كما سيأتى.
وقوله تعالى لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ... إلى قوله تعالى ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ ...
بيان للميثاق وتفصيل له. وجاء التعبير بقوله تعالى لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ في صورة الخبر المنفي والمراد منه النهى عن عبادة غير الله، لإفادة المبالغة والتأكيد، فكأن الأمر والنهى قد امتثلا فيخبر