للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد هذا الحديث الذي ترتجف له القلوب.. أتبع القرآن ذلك بحديث آخر تسر له النفوس، وتنشرح له الصدور، فقال- تعالى-:

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١٠١ الى ١٠٣]

إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ (١٠٢) لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣)

والحسنى: تأنيث الأحسن، وهي صفة لموصوف محذوف.

أى: إن الذين سبقت لهم منا في دنياهم المنزلة الحسنى بسبب إيمانهم الخالص وعملهم الصالح، وقولهم الطيب.

أُولئِكَ الموصوفون بتلك الصفات الحميدة عَنْها مُبْعَدُونَ أى: عن النار وحرها وسعيرها.. مبعدون إبعادا تاما بفضل الله- تعالى- ورحمته.

وقوله: لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها تأكيد لبعدهم عن النار. وأصل الحسيس الصوت الذي تسمعه من شيء يمر قريبا منك.

أى: هؤلاء المؤمنون الصادقون الذين سبقت لهم من خالقهم الدرجة الحسنى، لا يسمعون صوت النار، الذي يحس من حركة لهيبها وهيجانها، لأنهم قد استقروا في الجنة، وصاروا في أمان واطمئنان.

وقوله- سبحانه-: وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ بيان لفوزهم بأقصى ما تتمناه الأنفس بعد بيان بعدهم عن صوت النار.

أى: وهم فيما تتمناه أنفسهم، وتشتهيه أفئدتهم، وتنشرح له صدورهم، خالدون خلودا أبديا لا ينغصه حزن أو انقطاع.

وقوله- تعالى-: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ... بيان لنجاتهم من كل ما يفزعهم ويدخل القلق على نفوسهم.

أى: إن هؤلاء الذين سبقت لهم منا الحسنى، لا يحزنهم ما يحزن غيرهم من أهوال

<<  <  ج: ص:  >  >>