للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: فقوله:

أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب

قلت: ما هو إلا كلام من جنس كلامه صلّى الله عليه وسلم الذي كان يرمى به على السليقة. من غير صنعة ولا تكلف، إلا أنه اتفق ذلك من غير قصد إلى ذلك، ولا التفات منه إذا جاء موزونا، كما يتفق في كثير من إنشاءات الناس في خطبهم ورسائلهم، أشياء موزونة، ولا يسميها أحد شعرا، ولا يخطر ببال السامع ولا المتكلم أنها شعر ... » «١» .

ثم ذكر- سبحانه- المشركين ببعض النعم التي أسبغها عليهم، والتي يرونها بأعينهم، ويعلمونها بعقولهم، وسلّى النبي صلّى الله عليه وسلم عما لقيه منهم، فقال- تعالى-:

[سورة يس (٣٦) : الآيات ٧١ الى ٧٦]

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٧٣) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥)

فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٦)

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً ...

للإنكار والتعجب من أحوال هؤلاء المشركين، والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام.

والأنعام: جمع نعم: وهي الإبل والبقر والغنم.

والمعنى: أعمى هؤلاء المشركون عن مظاهر قدرتنا، ولم يروا بأعينهم، ولم يعلموا بعقولهم.

أنا خلقنا لهم مما عملته أيدينا. وصنعته قدرتنا. أنعاما كثيرة هم لها مالكون يتصرفون فيها تصرف المالك في ملكه.

وأسند- سبحانه- العمل إلى الأيدى، للإشارة إلى أن خلق هذه الأنعام كان بقدرته


(١) راجع تفسير الكشاف ج ٤ ص ٢٩. وراجع تفسير الآلوسى ج ٢٣ ص ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>