للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سده، وكما يتهم المتهم غيره فللغير أن يتهم من اتهمه. وبذلك ترتفع الثقة، ويسهل على ضعفاء الإيمان المروق، إذ قد أصبحت التهمة تظل الصادق والمنافق. وانظر معاملة النبي صلى الله عليه وسلم المنافقين معاملة المسلمين.

على أن هذا الدين سريع السريان في القلوب فيكتفى أهله بدخول الداخلين فيه من غير مناقشة. إذ لا يلبثون أن يألفوه وتخالط بشاشته قلوبهم. فهم يقتحمونه على شك وتردد فيصير إيمانا راسخا. ومما يعين على ذلك ثقة السابقين فيه باللاحقين.

ومن أجل ذلك أعاد الله الأمر فقال فَتَبَيَّنُوا تأكيدا لقوله فَتَبَيَّنُوا المذكور قبله ... «١» .

وبعد أن أمر- سبحانه- المؤمنين بأن يعاملوا الناس على حسب ظواهرهم ونهاهم عند جهادهم عن التعجل في القتل. أتبع ذلك ببيان فضل المجاهدين المخلصين فقال- تعالى-

[سورة النساء (٤) : الآيات ٩٥ الى ٩٦]

لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (٩٥) دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٩٦)

قال الآلوسى: قوله- تعالى- لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ. شروع في الحث على الجهاد ليأنفوا عن تركه، وليرغبوا عما يوجب خللا فيه. والمراد بالقاعدين: الذين أذن لهم في القعود عن الجهاد اكتفاء بغيرهم. وروى البخاري عن ابن عباس: هم القاعدون عن بدر وهو الظاهر الموافق للتاريخ على ما قيل. وقال أبو حمزة: إنهم المتخلفون عن تبوك. وروى أن الآية نزلت في كعب بن مالك من بنى سلمة ومرارة بن الربيع من بنى عمرو بن عوف. وهلال بن أمية من بنى واقف حين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة» «٢» .


(١) تفسير التحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر بن عاشور ج ٥ ص ١٦٨.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٥ ص ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>