للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، وفي هذه الآيات الخمس نجد القرآن قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله قُلْ خمس مرات وهو أسلوب إنذارى تلقيني كثر استعماله في هذه السورة- كما سبق أن قلنا في التمهيد لها- لأنه يلقن النبي صلى الله عليه وسلم الحجج التي تزلزل كيان المشركين وتأتى على بنيانهم من القواعد. وفضلا عن ذلك فهو لون من التفنن في أسلوب الدعوة إلى أن يحتاج إليه المرشدون والدعاة. لأن التزام أسلوب واحد في إقامة الحجة على الخصم يفضى إلى السآمة والملل، ومن هنا فقد لون القرآن أساليبه حتى تناسب العقول على اختلاف مداركها، وصدق الله إذ يقول انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ.

ثم بين- سبحانه- أن نواصي العباد بيديه، وأنه هو المتصرف في خلقه بما يشاء، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه فقال- تعالى-:

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٧ الى ٢١]

وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨) قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (١٩) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢١)

المس: أعم من اللمس في الاستعمال. يقال: مسه السوء والكبر والعذاب والتعب. أى:

أصابه ذلك ونزل به.

«والضر: اسم للألم والحزن والخوف وما يفضى إليهما أو إلى أحدهما كما أن النفع اسم للذة

<<  <  ج: ص:  >  >>