للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكرهم- سبحانه- بنعمة أخرى من نعمه عليهم، وكشف لهم عن جانب من حكمته في منع القتال بينهم وبين مشركي مكة، وفي هدايتهم إلى هذا الصلح فقال:

[سورة الفتح (٤٨) : الآيات ٢٥ الى ٢٦]

هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٢٥) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٢٦)

والمراد بالذين كفروا في قوله- تعالى-: هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ مشركو قريش، الذين منعوا النبي صلّى الله عليه وسلّم من دخول مكة، ومن الطواف بالبيت الحرام.

والهدى: مصدر بمعنى المفعول، أى: المهدى، والمقصود به ما يهدى إلى بيت الله الحرام من الإبل والبقر والغنم، ليذبح تقربا إلى الله- تعالى- وكان مع المسلمين في رحلتهم هذه التي تم فيها صلح الحديبية سبعون بدنة- على المشهور-. ولفظ الهدى قرأه الجمهور بالنصب عطفا على الضمير المنصوب في قوله: صَدُّوكُمْ وقرأه أبو عمرو بالجر عطفا على المسجد..

وقوله: مَعْكُوفاً أى: محبوسا. يقال: عكفه يعكفه عكفا، إذا حبسه ومنه الاعتكاف في المسجد، بمعنى الاحتباس فيه، وهو حال من الهدى.

وقوله: أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ منصوب بنزع الخافض، أى: عن أن يبلغ محله، أى: مكانه الذي يذبح فيه وهو منى.

<<  <  ج: ص:  >  >>