والويل: الفضيحة والبلية والمصيبة التي يعقبها الهلاك. وهي كلمة جزع وتحسر.
وتستعمل عند ما تحيط بالإنسان داهية عظيمة، وكأن المتحسر لنزول مصيبة به، ينادى ويلته ويطلب حضورها بعد تنزيلها منزلة من ينادى.
أى: قالوا عند ما تيقنوا أن الهلاك نازل بهم: يا هلاكنا إنا كنا ظالمين لأنفسنا، مستوجبين للعذاب. بسبب إعراضنا عن الحق، وتكذيبنا لمن جاء به.
واسم الإشارة في قوله- تعالى-: فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ يعود إلى الكلمات التي قالوها على سبيل التحسر عند ما يئسوا من الخلاص والهرب، وتأكدوا من الهلاك، وهي قولهم: يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ.
أى: فما زالوا يرددون تلك الكلمات بتفجع وتحسر واستعطاف.
وسميت هذه الكلمات دعوى، لأن المولول كأنه يدعو الويل قائلا: أيها الويل هذا أوانك فأقبل نحوي.
وقوله: حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ بيان لما آل إليه حالهم.
وخامدين: من الخمود بمعنى الهمود والانطفاء والانتهاء. يقال: خمدت النار تخمد خمدا وخمودا، إذا سكن لهيبها، وانطفأ شررها.
أى: فما زالت تلك كلماتهم حتى جعلناهم في الهمود والهلاك كالنبات المحصود بالمناجل، وكالنار الخامدة بعد اشتعالها.
وهكذا تكون عاقبة الظالمين. وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك ما يدل على قدرته ووحدانيته، وعلى أن من في السموات والأرض لا يستكبرون عن عبادته- تعالى-، فقال- عز وجل-:
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١٦ الى ٢٠]
وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (١٦) لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ (١٧) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ (٢٠)