للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أمر الله- تعالى- المؤمنين بالإكثار من ذكره بعد الانتهاء من صلاتهم، وشجعهم على مواصلة قتال أعدائهم بدون خوف أو ملل فقال- تعالى-:

[سورة النساء (٤) : الآيات ١٠٣ الى ١٠٤]

فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (١٠٣) وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٠٤)

والمعنى: فإذا أديتم صلاة الخوف- أيها المؤمنون- على الوجه الذي بينته لكم وفرغتم منها فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ أى: فداوموا على الإكثار من ذكر الله في كل أحوالكم سواء كنتم قائمين في ميدان القتال، أم قاعدين مستريحين، أم مضطجعين على جنوبكم، فإن ذكر الله- تعالى- الذي يتناول كل قول أو عمل يرضى الله- هو العبادة المستمرة التي بها تصفو النفوس، وتنشرح الصدور، وتطمئن القلوب. قال- تعالى- الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.

وإنما أمرهم- سبحانه- بالإكثار من ذكره في هذه الأحوال بصفة خاصة، مع أن الإكثار من ذكر الله مطلوب في كل وقت، لأن الإنسان في حالة الخوف ومقابلة الأعداء أحوج ما يكون إلى عون الله وتأييده ونصره، والتضرع إلى الله بالدعاء في هذه الأحوال يكون جديرا بالقبول والاستجابة.

قال- تعالى- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

والفاء في قوله فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ للتفريع على ما قبله.

أى: فإذا ما سكنت نفوسكم من الخوف، وأقمتم في مساكنكم بعد أن وضعت الحرب أوزارها، فداوموا على أداء الصلاة على وجهها الذي كانت عليه قبل حالة الحرب، وأتموا أركانها وشروطها وآدابها وخشوعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>