وقوله «إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا» تذييل المقصود به تأكيد ما قبله من الأمر بالمحافظة على الصلاة.
أى: إن الصلاة كانت على المؤمنين فرضا محددا بأوقات لا يجوز مجاوزتها بل لا بد من أدائها في أوقاتها سفرا وحضرا، وأمنا وخوفا.
والمراد بالكتاب هنا: المكتوب. وبالموقوت: المحدد بأوقات من وقت كمضروب من ضرب.
وقد رجح ابن جرير هذا المعنى بقوله: وأولى المعاني بتأويل الكلمة قول من قال: إن الصلاة كانت على المؤمنين فرضا موقوتا. أى فرضا وقت لهم وقت وجوب أدائه. لأن الموقوت إنما هو مفعول من قول القائل: وقت الله عليك فرضه فهو يقته. ففرضه عليك موقوت، إذا أخبر أنه جعل له وقتا يجب عليك أداؤه «١» .
وقد أكد الله- تعالى- فرضية الصلاة ووجوب أدائها في أوقاتها بإن المفيدة للتأكيد، وبكان المفيدة للدوام والاستمرار. وبالتعبير عن الصلاة بأنها كتاب، وهو تعبير عن الوصف بالمصدر فيفيد فضل توكيد، وبقوله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فإن هذا التركيب يفيد الإلزام والحتمية. وكل ذلك لكي يحافظ المؤمنون عليها محافظة تامة دون أن يشغلهم عنها شاغل، أو يحول بينهم وبين أدائها حائل.
وقوله تَهِنُوا من الوهن وهو الضعف والتخاذل. والابتغاء مصدر ابتغى بمعنى بغى المتعدى أى طلب.
أى: ولا تضعفوا- أيها المؤمنون- في ابتغاء العدو وطلبه، ولا تقعد بكم الآلام عن متابعته وملاحقته حتى يتم الله لكم النصر عليه.
ثم رغبهم- سبحانه- في مواصلة طلب أعدائهم بأسلوب منطقي رصين فقال: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ، وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ.
أى: لا تتوانوا- أيها المؤمنون- عن ملاحقة أعدائكم ومقاتلتهم مهما تحملتم من آلام، وما أصبتم به من جراح، لأن ما أصابكم من آلام وجراح قد أصيب أعداؤكم بمثله أو أكثر منه، ولأن الآلام التي تحسونها هم يحسون مثلها أو أكثر منها. وفضلا عن ذلك فأنتم ترجون