يعيش دنياه في هوان وذلة، ثم ينتقل إلى أخراه فيجد مصيره العذاب الأليم الذي لا يموت فيه ولا يحيا.
ثم أخذ القرآن في تسلية المسلمين الذين أخرجوا من مكة وفارقوا المسجد الحرام، مبينا لهم أن الجهات كلها لله- تعالى- فقال:
[[سورة البقرة (٢) : آية ١١٥]]
وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)
المشرق والمغرب: مكان شروق الشمس وغروبها، والمراد بهما هنا جميع جهات الأرض.
واللام في قوله: «ولله» تفيد معنى الملك.
والتولية: التوجه من جهة إلى أخرى. و (ثم) اسم إشارة للمكان.
والوجه: الجهة، فوجه الله الجهة التي ارتضاها وأمر بالتوجه إليها وهي القبلة.
والمعنى: أن جميع الأرض ملك لله وحده، ففي أى مكان من المشرق والمغرب توليتم شطر القبلة التي أمركم الله بها ورضيها لكم، فهناك جهته- سبحانه- التي أمرتم بها، والتي تبرأ ذممكم باستقبالها.
ومعنى هذا: الإذن بإقامة الصلاة في أى مكان من الأرض دون أن تختص بها المساجد، ففي الحديث الشريف: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» .
وكأن الآية تومي، إلى أن سعى أولئك الظالمين في منع المساجد من ذكره- تعالى- وتخريبها، لا يمنع من أداء العبادة لله- تعالى-: لأن له المشرق والمغرب وما بينهما، فأينما حل الإنسان وتحرى القبلة المأمور بالتوجه إليها فهناك جهة الله المطلوب منه استقبالها.
وذيلت الآية بقوله إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ لإفادة سعة ملكه أو سعة تيسيره على عباده في أمر الدين. أى: إن الله يسع خلقه جميعا برحمته وتيسيره وجوده وهو عليم بأعمالهم لا يخفى عليه عمل عامل أينما كان وكيفما كان.
ثم حكى القرآن بعض الأقاويل الباطلة التي افتراها أصحاب القلوب المريضة فقال-- تعالى-:
[سورة البقرة (٢) : الآيات ١١٦ الى ١١٧]
وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧)