للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: وقولا له- أيضا- السلامة من العذاب في الدارين لمن اتبع الهدى بأن آمن بالله- تعالى- وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ...

فالسلام مصدر بمعنى السلامة، وعلى بمعنى اللام. ويفهم من الآية الكريمة أن من لم يتبع الهدى، لا سلامة له، ولا أمان عليه.

وفي هذه الجملة من الترغيب في الدخول في الدين الحق ما فيها، ولذا استعملها النبي صلّى الله عليه وسلّم في كثير من كتبه، ومن ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم في رسالته إلى هرقل ملك الروم: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى..

ثم حكى- سبحانه- الجملة الخامسة التي أمر موسى وهارون أن يخاطبا بها فرعون فقال: إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى.

أى: وقولا له إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا من عند ربنا وخالقنا أَنَّ الْعَذابَ في الدنيا والآخرة عَلى مَنْ كَذَّبَ بآياته وحججه- سبحانه- وَتَوَلَّى عنها. وأعرض عن الاستجابة لها.

وبذلك نرى في هذه الآيات الكريمة أسمى ألوان الدعوة إلى الحق وأحكمها، فهي قد بدأت بالأساس الذي تقوم عليه كل رسالة سماوية إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ وثنت ببيان أهم ما أرسل موسى وهارون من أجله، فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ وثلثت بإقامة الأدلة على صدقهما قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وربعت بالترغيب والاستمالة وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى.

ثم ختمت بالتحذير والترهيب من المخالفة إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى.

وبعد أن غرس- سبحانه- الطمأنينة في قلب موسى وهارون وزودهما بأحكم الوسائل وأنجعها في الدعوة إلى الحق.. أتبع ذلك بحكاية جانب من الحوار الذي دار بينهما وبين فرعون بعد أن التقوا جميعا وجها لوجه فقال- تعالى-:

[سورة طه (٢٠) : الآيات ٤٩ الى ٦٠]

قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى (٤٩) قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (٥٠) قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى (٥١) قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى (٥٢) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (٥٣)

كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (٥٤) مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (٥٥) وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى (٥٦) قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً (٥٨)

قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (٦٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>