للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العذاب تصويرا بديعا، كما تبين ما كانوا عليه من غرور وسوء أدب، مما جعلهم أهلا لهذا المصير الأليم.

ثم تنتقل السورة الكريمة من تأنيبهم وتيئيسهم من الاستجابة لجؤارهم، إلى سؤالهم بأسلوب توبيخي عن الأسباب التي أدت بهم إلى الإعراض عما جاءهم به رسولهم صلّى الله عليه وسلّم فتقول:

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٦٨ الى ٧٤]

أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٠) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧٢)

وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣) وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ (٧٤)

قال الجمل: قوله- تعالى-: أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ... شروع في بيان أسباب حاملة لهم على ما سبق من قوله- تعالى-: فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ ... إلخ «١» .

والهمزة لإنكار ما هم فيه من عدم التدبر واستقباحه، والفاء للعطف على مقدر يستدعيه المقام: والمراد بالقول: القرآن الكريم وما اشتمل عليه من هدايات.

والمعنى: أفعلوا ما فعلوا من النكوص على الأعقاب، ومن الغرور ومن الهذيان بالباطل من القول، فلم يتدبروا هذا القرآن، ولم يتفكروا فيما اشتمل عليه من توجيهات حكيمة..

إنهم لو تدبروه لوجدوا فيه من العظات والآداب والأحكام، والقصص، والعقائد، والتشريعات.. ما يسعدهم ويهد بهم إلى الصراط المستقيم.


(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>