إسرائيل- عليه السلام- الذي هو أصل عزهم، ومنشأ تفضيلهم لتحيى الشعور بالكرامة في نفوسهم، ولتغرس الإحساس بالشرف في مشاعرهم، ولتحملهم على الترفع عن الدنايا لأن الذي يشعر أنه من منبت كريم تعاف نفسه الحقد والكذب والصغار، ثم جاءت الآية الثانية فأرشدتهم إلى أن التقوى هي سبب السلامة والفوز، وحذرتهم من أهوال يوم القيامة وأفهمتهم بأن انتسابهم إلى أولئك الآباء لن يغنى من الله شيئا يوم الجزاء، وإنما الذي ينفعهم في ذلك اليوم هو اتباع تعاليم الإسلام، التي أتى بها النبي- عليه الصلاة والسلام- وفي ذلك ما فيه من كبح غرورهم، وإبطال ظنونهم.
ثانيا: نعمة إنجائهم من عدوهم:
ثم ذكرهم- سبحانه- بنعمة جليله الشأن، هي نعمة إنجائهم من عدوهم فقال تعالى:
الآية الكريمة معطوفة على قوله تعالى: اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ في الآية السابقة، من باب عطف المفصل على المجمل: أى: اذكروا نعمتي، واذكروا إذ نجيناكم من آل فرعون.
وإذ: بمعنى وقت، «وهي مفعول به لفعل ملاحظ في الكلام وهو اذكروا أى: اذكروا وقت أن نجيناكم، والمراد من التذكير بالوقت تذكيرهم بما وقع فيه من أحداث.
وآل الرجل: أهله وخاصته وأتباعه، ويطلق غالبا على أولى الخطر والشأن من الناس، فلا يقال آل الحجام أو الإسكاف.
وفرعون: اسم لملك مصر كما يقال لملك الروم قيصر، ولملك اليمن تبع ويسومونكم: من سامه خسفا إذا أذله واحتقره وكلفه مالا يطيق.
والابتلاء: الامتحان والاختبار، ويكون في الخير والشر، قال- تعالى- وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً «١» .
والمعنى: اذكروا يا بنى إسرائيل وقت أن نجيناكم من آل فرعون الذين كانوا يعذبونكم أشق