للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النقلية النافية للشركاء، ومن الأدلة الوجدانية التي تهيج القلوب نحو الحق.. أتبع ذلك بتحريض الكافرين على التدبر في ملكوت السموات والأرض، لعل هذا التدبر يهديهم إلى الإيمان، فقال- تعالى-:

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٣٠ الى ٣٣]

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (٣٠) وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣)

وقوله رَتْقاً مصدر رتقه رتقا: إذا سده. يقال: رتق فلان الفتق رتقا، إذا ضمه وسده، وهو ضد الفتق الذي هو بمعنى الشق والفصل.

وللعلماء في معنى هذه الآية أقوال أشهرها: أن معنى كانَتا رَتْقاً أن السماء كانت صماء لا ينزل منها مطر، وأن الأرض كانت لا يخرج منها نبات، ففتق الله- تعالى- السماء بأن جعل المطر ينزل منها، وفتق الأرض بأن جعل النبات يخرج منها.

وهذا التفسير منسوب إلى ابن عباس، فقد سئل عن ذلك فقال: كانت السموات رتقا لا تمطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت، فلما خلق- سبحانه- للأرض أهلا، فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات «١» .

ومنهم من يرى أن المعنى: كانت السموات والأرض متلاصقتين كالشىء الواحد، ففتقهما الله- تعالى- بأن فصل بينهما، فرفع السماء إلى مكانها، وأبقى الأرض في مقرها، وفصل بينهما بالهواء.


(١) تفسير ابن كثير ج ٥ ص ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>