ثم قال ابن كثير: وقوله فَإِنِ انْتَهَوْا أى: بقتالكم عما هم فيه من الكفر فكفوا عنهم وإن لم تعلموا بواطنهم فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ..
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأسامة لما علا ذلك الرجل بالسيف، فقال الرجل لا إله إلا الله، فضربه فقتله فذكر ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم فقال لأسامة: أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ فكيف تصنع «بلا إله إلا الله» يوم القيامة؟ فقال: يا رسول الله إنما قالها تعوذا فقال. هلا شققت عن قلبه؟ وجعل يقول ويكرر عليه من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة، قال أسامة: حتى تمنيت أنى لم أكن أسلمت إلا يومئذ «١» .
وبعد هذا الحديث المتنوع عن مكر الكافرين وعن دعاويهم الكاذبة، وعن وجوب مقاتلتهم إذا ما استمروا في طغيانهم وعدوانهم.. بعد كل ذلك بين- سبحانه- للمؤمنين كيفية قسمة الغنائم التي كثيرا ما تترتب على قتال أعدائهم، فقال- تعالى-:
وقوله: غَنِمْتُمْ من الغنم بمعنى الفوز والربح يقال: غنم غنما وغنيمة إذا ظفر بالشيء قال القرطبي ما ملخصه: الغنيمة في اللغة ما يناله الرجل أو الجماعة بسعي، ومن ذلك قول الشاعر:
وقد طوفت في الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب
واعلم أن الاتفاق حاصل على أن المراد بقوله- تعالى-: غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ مال الكفار إذا ظفر به المسلمون على وجه الغلبة والقهر.
وسمى الشرع الواصل من الكفار إلينا من الأموال باسمين: غنيمة وفيئا.
فالشيء الذي يناله المسلمون من عدوهم بالسعي وإيجاف الخيل والركاب يسمى غنيمة.