للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمجتمع الذي يكثر فيه العقلاء الفطناء هو الذي تقل فيه إذاعة الأخبار إلا من مصادرها الأصيلة، وهو الذي يرجع أفراده في معرفة الحقائق إلى العلماء المتخصصين.

وهكذا نرى الآية الكريمة تغرس في نفوس المؤمنين أسمى ألوان الإخلاص لدينهم ودولتهم وقيادتهم، فهي في مطلعها تنكر عليهم إذاعة الاخبار بدون تحقق من صدقها ومن فائدتها، وفي وسطها تأمرهم بأن يرجعوا إلى حقائق دينهم وإلى الحكام العادلين، والعلماء المخلصين الذين يعرفون الأمور على وجهها ليسألوهم عما يريدون معرفته، وفي آخرها تذكرهم بفضل الله عليهم ورحمته بهم حتى يداوموا على طاعته، ويشكروه على نعمه.

وبعد هذا الحديث الحكيم عن أحوال المنافقين وضعفاء الإيمان، وعن تباطئهم عن الجهاد وإشاعتهم للأخبار بدون تثبت، بعد كل ذلك أمر الله- تعالى- نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يستمر في قتاله للمشركين، وأن يحرض أصحابه على ذلك، كما أرشد- سبحانه- المؤمنين إلى طائفة من مكارم الأخلاق التي تقوى رابطتهم فقال- تعالى-:

[سورة النساء (٤) : الآيات ٨٤ الى ٨٧]

فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً (٨٤) مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (٨٥) وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (٨٦) اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً (٨٧)

والفاء في قوله فَقاتِلْ للإفصاح عن جواب شرط مقدر. أى: إذا كان الأمر كما حكى- سبحانه- عن المنافقين وكيدهم ... فقاتل أنت يا محمد من أجل إعلاء كلمة الله ولا تلتفت

<<  <  ج: ص:  >  >>