خصوصا في حالات الطلاق التي هي من أشد الأحوال دفعا إلى هذه الرذائل.
ولقد حفظ لنا التاريخ الإسلامى صورا مشرقة لهذا العفو والفضل من ذلك ما ذكره الإمام الزمخشري من أن جبير بن مطعم دخل على سعد بن أبى وقاص فعرض عليه بنتا له فتزوجها.
ثم طلقها قبل أن يدخل بها وبعث لها المهر كاملا. فقال له: لم تزوجتها؟ فقال: عرضها على فكرهت رده. فقيل له: فلم بعثت بالصداق كاملا؟ قال: فأين الفضل.
وروى أن أحد الصحابة تزوج امرأة وطلقها قبل الدخول بها فأعطاها الصداق كاملا، فقيل له في ذلك فقال: أنا أحق بالعفو منها «١» .
وهكذا نرى مبلغ استجابة السلف الصالح لتوجيهات القرآن ووصاياه، فأين المسلمون اليوم من هذه الوصايا والأحكام؟
وبعد هذا الحديث المستفيض الذي لم ينته بعد عن الطلاق وأحكامه وآدابه، أورد القرآن آيتين كريمتين تأمران بالمحافظة على الصلاة وبالمداومة على طاعة الله، وبالملازمة لذكره- عز وجل- فقال- تعالى-:
ولعل السر في توسط هاتين الآيتين بين آيات الأحكام التي تحدثت عن الطلاق، والعدة والرضاع والخطبة ... إلخ، لعل السر في ذلك أن هذه الأمور كثيرا ما تكون مثار تنازع وتخاصم وتقاطع بين الناس، فأراد القرآن بطريقته الحكيمة، وبأسلوبه المؤثر أن يقول للناس:
إن محافظتكم على الصلاة، ومداومتكم على طاعة الله وذكره كل ذلك سيعرض في نفوسكم المراقبة له- سبحانه-، والخشية من عقابه، وسيعينكم على أن تحلوا قضاياكم التي تتعلق بالطلاق وغيره بالعدل والإحسان والتسامح والتعاطف، لأن من حافظ على فرائض الله وأوامره، انصرفت نفسه عن ظلم الناس، وعاملهم معاملة كريمة حسنة. وقد بين القرآن في كثير من آياته أن المحافظة على الصلاة بخشوع وخضوع لله- تعالى- وأن المداومة على ذكره،