للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تعب الحفظ وأن كثرة الجاه والمال تورث الطغيان، كما قال- تعالى- إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى «١» .

هذا، وقد ساق الإمام ابن كثير جملة من الأحاديث في ذم التكثر من الذهب والفضة، ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد عن حسان بن عطية قال:

كان شداد بن أوس- رضى الله عنه- في سفر، فنزل منزلا فقال لغلامه: ائتنا بالسفرة نعبث بها، فأنكرت عليه ذلك. فقال ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إلا وأنا أخطمها وأزمها غير كلمتي هذه فلا تحفظوها عنى واحفظوا ما أقول لكم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا كنز الناس الذهب والفضة، فاكنزوا هؤلاء الكلمات: اللهم إنى أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد وأسألك شكر نعمتك، وأسألك حسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، وأسألك لسانا صادقا، واسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم. إنك أنت علام الغيوب «٢» .

وبعد: فهذه سبع آيات عن أهل الكتاب، بدأت- بقوله تعالى قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وانتهت بقوله تعالى: فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ.

وقد بينت هذه الآيات ما يجب أن يكون عليه موقف المؤمنين منهم، وكشفت عن أقوالهم الباطلة، وعن جحود رؤسائهم للحق، وعن انقياد: عامتهم للضلال، وعن استحلال كثير من أحبارهم ورهبانهم لمحارم الله ...

ثم عادت السورة بعد ذلك إلى تكلمة الحديث عن أحوال المشركين السيئة، وعن وجوب مقاتلتهم، فقال تعالى.

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٣٦ الى ٣٧]

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٣٧)


(١) تفسير الفخر الرازي ج ١٦ ص ٤٥.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٣٥١. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>