التضرع: تفعل من الضراعة وهي الذلة والاستكانة. يقال: ضرع فلان ضراعة: أى خشع وذل وخضع. ويقال: تضرع، أى أظهر الضراعة والخضوع. وتضرعا حال من الضمير في ادعوا.
الخفية: بضم الخاء وكسرها- مصدر خفى كمرض بمعنى اختفى أى: استتر وتوارى ولم يجهر بدعائه.
والمعنى: سلوا ربكم- أيها الناس- حوائجكم بتذلل واستكانة وإسرار واستتار فإنه- سبحانه- يسمع الدعاء ويجيب المضطر، ويكشف السوء، وهو القادر على إيصالها إليكم، وغيره عن ذلك عاجز.
وإنما أمر الله عباده بالإكثار من الدعاء في ضراعة وإسرار، لأن الدعاء ما هو إلا اتجاه إلى الله بقلب سليم، واستعانة به بإخلاص ويقين، لكي يدفع المكروه، ويمنح الخير، ويعين على نوائب الدهر، ولا شك أن الإنسان في هذه الحالة يكون في أسمى درجات الصفاء الروحي، والنقاء النفسي، ويكون كذلك مؤديا لأشرف ألوان العبادة والخضوع لله الواحد القهار، معترفا لنفسه بالعجز والنقص. ولربه بالقدرة والكمال «١» .
هذا، وقد أخذ العلماء من هذه الآية من آداب الدعاء الخشوع والإسرار واستدلوا على ذلك بأحاديث وآثار متعددة منها ما جاء في الصحيحين عن أبى موسى الأشعرى قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا وارتفعت أصواتنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس،
(١) راجع كتابنا «الدعاء» معناه، فضله، آدابه. شروطه، فوائده.. إلخ من سلسلة مجمع البحوث الإسلامية الكتاب السادس والعشرون.