وأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم صادق فيما يبلغه عن ربه، وأن العقلاء من أهل الكتاب قد شهدوا بذلك، وآمنوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، فكان من الواجب على المشركين- لو كانوا يعقلون- أن يقلعوا عن عنادهم، وأن يتبعوا الحق الذي جاءهم به النبي صلّى الله عليه وسلّم.
ثم حكى- سبحانه- بعض الأعذار الفاسدة، التي اعتذر بها الكافرون عن عدم دخولهم في الإسلام، ورد عليهم بما يكبتهم، وبشر المؤمنين الصادقين بما يشرح صدورهم فقال:
وقد ذكر المفسرون في سبب نزول قوله- تعالى-: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا.. روايات منها: أن مشركي مكة حين رأوا أن أكثر المؤمنين من الفقراء، كعمار، وبلال، وعبد الله بن مسعود.. قالوا ذلك.
وسبب قولهم هذا، اعتقادهم الباطل، أنهم هم الذين لهم عند الله العظمة والجاه والسبق إلى كل مكرمة، لأنهم هم أصحاب المال والسلطان، أما أولئك الفقراء فلا خير فيهم، ولا سبق لهم إلى خير..
أى: وقال الذين كفروا للذين آمنوا- على سبيل السخرية والاستخفاف بهم-، لو كان هذا الذي أنتم عليه من الإيمان بما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم حقا وخيرا، لما سبقتمونا إليه، ولما سبقنا إليه غيركم من المؤمنين لأننا نحن العظماء الأغنياء.. وأنتم الضعفاء الفقراء..
فهم- لانطماس بصائرهم وغرورهم- توهموا أنهم لغناهم وجاههم هم المستحقون للسبق