للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى كل خير، وأن غيرهم من الفقراء لا يعقل ما يعقلونه، ولا يفهم ما يفهمونه.

ومن الآيات الكريمة التي تشبه هذه الآية قوله- تعالى-: وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا: أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا.. «١» .

وقوله- سبحانه-: وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ تعجيب من غرورهم وعنادهم، ورميهم الحق بما هو برىء منه.

و «إذ» ظرف لكلام محذوف دل عليه الكلام، أى: وإذ لم يهتدوا بما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم من عند ربه، ظهر عنادهم واستكبارهم وقالوا هذا القرآن كذب قديم من أخبار السابقين، نسبه محمد صلّى الله عليه وسلّم إلى ربه.

وشبيه بهذا الآية. قوله- تعالى-: وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.. «٢» .

ثم بين- سبحانه- أن هذا القرآن هو المهيمن على الكتب السماوية التي سبقته فقال- تعالى-: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً ...

أى: ومن قبل هذا القرآن الذي أنزلناه على نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم كان كتاب موسى وهو التوراة إِماماً يهتدى به في الدين وَرَحْمَةً من الله- تعالى- لمن آمن به.

وقوله: وَمِنْ قَبْلِهِ خبر مقدم، وكِتابُ مُوسى مبتدأ مؤخر، وقوله: إِماماً وَرَحْمَةً حالان من كِتابُ مُوسى..

والمقصود من هذه الجملة الكريمة، الرد على قولهم في القرآن هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ فكأنه- تعالى- يقول لهم: كيف تصفون القرآن بذلك، مع أنه قد سبقه كتاب موسى الذي تعرفونه، والذي وافق القرآن في الأمر بإخلاص العبادة لله- تعالى- وحده، وفي غير ذلك من أصول الشرائع..

ثم مدح- سبحانه- هذا القرآن بقوله: وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا، لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ.

أى: وهذا القرآن الذي أنزلناه على نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم مصدق لكتاب موسى الذي هو إمام ورحمة، ومصدق لغيره من الكتب السماوية السابقة وأمين عليها، وقد أنزلناه بلسان عربي مبين، امتنانا منا على من بعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيهم وهم العرب.


(١) سورة الأنعام الآية ٥٣.
(٢) سورة الفرقان الآية ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>