للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثامنا: نعمة تظليلهم بالغمام وإنزال المن والسلوى عليهم:

ثم عطف- سبحانه- على نعمة بعثهم من بعد موتهم نعمة أخرى بل نعمتين، وهما تظليلهم بالغمام ومنحهم المن والسلوى، فقال تعالى:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٥٧]]

وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧)

الغمام: جمع غمامة، وهي السحابة، وخصه بعض علماء اللغة بالسحاب الأبيض.

والمن: اسم جنس لا واحد من لفظه، وهو- على أرجح الأقوال- مادة صمغية تسقط على الشجر تشبه حلاوته حلاوة العسل.

والسلوى: اسم جنس جمعى، واحدته سلواة، وهو طائر برى لذيذ اللحم، سهل الصيد، يسمى بالسمانى، كانت تسوقه لهم ريح الجنوب كل مساء، فيمسكونه قبضا بدون تعب.

وتظليلهم بالغمام وإنزال المن والسلوى عليهم، كان في مدة تيههم بين مصر والشام المشار إليه بقوله- تعالى- قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ.

قال السدى: «لما دخل بنو إسرائيل التيه، قالوا لموسى- عليه السلام- كيف لنا بما ها هنا، أين الطعام؟ فأنزل الله عليهم المن فكان ينزل على شجرة الزنجبيل، والسلوى وهو طائر يشبه السمانى أكبر منه فكان يأتى أحدهم فينظر إلى الطير فإن كان سمينا ذبحه وإلا أرسله، فإذا سمن أتاه فقالوا هذا الطعام فأين الشراب؟ فأمر الله- تعالى- موسى أن يضرب بعصاه الحجر فضربه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، فشرب كل سبط من عين، فقالوا: هذا الشراب فأين الظل؟ فظلل الله عليهم الغمام. فقالوا: هذا الظل فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان ولا يتمزق لهم ثوب، فذلك قوله تعالى: وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى ...

ومعنى الآية الكريمة: واذكروا يا بنى إسرائيل من بين نعمى عليكم نعمة إظلالكم بالغمام وأنتم في التيه ليقيكم حر الشمس، وحرارة الجو، ولولا منحى إياكم الطعام اللذيذ المشتهى بدون تعب منكم في تحصيله لهلكتم، وقلنا لكم كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>