وقوله- تعالى- سَخَّرَ من التسخير بمعنى التذليل والتيسير. يقال: سخر الله- تعالى- الإبل للإنسان، إذا ذللها له، وجعلها منقادة لأمره.
أى: الله- تعالى- وحده، هو الذي بقدرته ورحمته سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ بأن جعلكم متمكنين من الانتفاع بخيراته، وبأن جعله على هذه الصفة التي تستطيعون منها استخراج ما فيه من خيرات.
وقوله: لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ، وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ.. بيان لبعض الأسباب التي من أجلها سخر الله- تعالى- البحر على هذه الصفة.
أى: جعل لكم البحر على هذه الصفة، لكي تتمكن السفن من الجري فيه بأمره- تعالى- وقدرته، ولتطلبوا ما فيه من خيرات، تارة عن طريق استخراج ما فيه من كنوز، وتارة عن طريق التجارة فيها.. وكل ذلك بتيسير الله- تعالى- وفضله ورحمته بكم.
وقوله: وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ متعلق بمحذوف. أى: أعطاكم ما أعطاكم من النعم، وجعل البحر على صفة تتمكنون معها من الجري فيه وأنتم في سفنكم، ومن استخراج ما فيه من خيرات.. لعلكم بعد ذلك تشكرون الله- تعالى- على هذه النعم، وتستعملونها فيما خلقت من أجله.
وقوله- تعالى-: وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ.. تعميم بعد تخصيص.
أى: يسر لكم الانتفاع بما في البحر من خيرات، ويسر لكم- أيضا- الانتفاع بكل