للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: لو حصل منه صوم طول حياته فلن يدرك ثواب ما ضيع بسبب فطره بغير عذر شرعي.

والأحاديث في الترغيب في صوم شهر رمضان، وفي الترهيب من الفطر فيه كثيرة متنوعة.

ثم بين- سبحانه- أن العباد إذا حافظوا على فرائضه، واستجابوا لأوامره، وابتعدوا عن نواهيه، فإنه- عز وجل- لا يرد لهم طلبا ولا يخيب لهم رجاء فقال:

[[سورة البقرة (٢) : آية ١٨٦]]

وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)

قال الإمام البيضاوي في وجه اتصال هذه الآية بما قبلها من آيات الصيام: واعلم أنه- تعالى- لما أمرهم بصوم الشهر ومراعاة العدة وحثهم على القيام بوظائف التكبير والشكر عقبه بهذه الآية الدالة على أنه خبير بأحوالهم سميع لأقوالهم، مجيب لدعائهم، مجاز على أعمالهم تأكيدا له وحثا عليه» وروى المفسرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة روايات منها ما أخرجه بن جرير وابن أبى حاتم أن أعرابيا جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: أقريب ربنا فنناجيه- أى: ندعوه سرا- أم بعيد فنناديه؟ فسكت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله هذه الآية «١» .

ومنها ما رواه ابن مردويه- بسنده- عن الحسن قال: سأل بعض الصحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أين ربنا؟ فأنزل الله- تعالى- هذه الآية «٢» .

والمعنى: وإذا سألك عبادي يا محمد عن قربى وبعدي فقل لهم: إنى قريب منهم بعلمي ورحمتي وقدرتي وإجابتى لسؤالهم. قال- تعالى-: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ:

وفي الصحيحين عن أبى موسى الأشعرى أنه قال: كنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ايها الناس أربعوا على أنفسكم- أى ارفقوا بها- فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا بصيرا وهو معكم، والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» «٣» .


(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٢١٨.
(٢) تفسير البيضاوي ص ٣٩.
(٣) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>