للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله- سبحانه-: وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ معطوف على ما قبله، ومؤكد لمضمونه. أى: ومن جاهد في طاعة الله، وفي سبيل إعلاء كلمته، ونصرة دينه، فإنما يعود ثواب جهاده ونفعه لنفسه لا لغيره.

إِنَّ اللَّهَ- تعالى- لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ جميعا، لأنه- سبحانه- لا تنفعه طاعة مطيع، كما لا تضره معصية عاص، وإنما لنفسه يعود ثواب المطيع وعليها يرجع عقاب المسيء.

ثم وضح- سبحانه- ما أعده للمؤمنين الصادقين من ثواب جزيل فقال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ... أى: لنسترن عنهم سيئاتهم، ولنزيلنها- بفضلنا وإحساننا- من صحائف أعمالهم.

ثم بعد ذلك وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ أى: ولنجزينهم بأحسن الجزاء على أعمالهم الصالحة التي كانوا يعملونها في الدنيا، بأن نعطيهم على الحسنة عشر أمثالها.

قال الجمل ما ملخصه: قوله: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ.. يجوز أن يكون مرفوعا بالابتداء، والخبر جملة القسم المحذوفة، وجوابها أى: والله لنكفرن. ويجوز أن يكون منصوبا بفعل مضمر على الاشتغال. أى: ونخلص الذين آمنوا من سيئاتهم ...

وقال أَحْسَنَ لأنه سبحانه إذا جازاهم بالأحسن، جازاهم بما هو دونه. فهو من التنبيه على الأدنى بالأعلى» «١» .

ثم بين- سبحانه- أن طاعة الله- تعالى- يجب أن تقدم على كل طاعة، فقال:

[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٨ الى ٩]

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (٩)


(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ٣٦٨. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>