للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو- أيضا- واسع الرحمة لعباده المؤمنين، المستقيمين على أمره.

وبذلك نرى هذه الآية الكريمة قد نهت المسلمين عن رذائل، يؤدى تركها إلى سعادتهم ونجاحهم، وفتحت لهم باب التوبة لكي يقلع عنها من وقع فيها..

وبعد هذه النداءات الخمسة للمؤمنين، التي اشتملت على الآداب النفسية والاجتماعية..

وجه- سبحانه- نداء إلى الناس جميعا، ذكرهم فيه بأصلهم وبميزان قبولهم عنده، فقال- سبحانه-:

[[سورة الحجرات (٤٩) : آية ١٣]]

يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)

وقد ورد في سبب نزول هذه الآية روايات منها: أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أمر بنى بياضة أن يزوجوا امرأة منهم لأبى هند- وكان حجاما للنبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا رسول الله، نزوج بناتنا- موالينا- أى: عبيدنا، فأنزل الله- تعالى- هذه الآية «١» .

والمراد بالذكر والأنثى: آدم وحواء. أى: خلقناكم جميعا من أب واحد ومن أم واحدة، فأنتم جميعا تنتسبون إلى أصل واحد، ويجمعكم وعاء واحد، وما دام الأمر كذلك فلا وجه للتفاخر بالأحساب والأنساب.

قال الآلوسى: أى خلقناكم من آدم وحواء، فالكل سواء في ذلك، فلا وجه للتفاخر بالنسب، كما قال الشاعر:

الناس في عالم التمثيل أكفاء ... أبوهم آدم والأم حواء

وجوز أن يكون المراد هنا: إنا خلقنا كل واحد منكم من أب وأم، ويبعده عدم ظهور ترتب ذم التفاخر بالنسب عليه، والكلام مساق له.. «٢» .

وقوله: وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا.... بيان لما ترتب على خلقهم على تلك الصورة، وللحكمة من ذلك.


(١) تفسير القرطبي ج ١٦ ص ٣٤٠.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٢٦ ص ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>