إلى الحالة والقصة التي أنكروها، وهي قيام الساعة.
أى: قل لهم- أيها الرسول الكريم- على سبيل التوبيخ والتقريع: ليس الأمر كما زعمتم من أنه لا بعث ولا جزاء ... بل الحق أن ذلك آت لا ريب فيه، وأن عودتكم إلى الحياة مرة أخرى لا تقتضي من خالقكم سوى صيحة واحدة يصيحها ملك من ملائكته بكم، فإذا أنتم قيام من قبوركم، ومجتمعون في المكان الذي يحدده الله- تعالى- لاجتماعكم ولحسابكم وجزائكم.
وعبر- سبحانه- عن اجتماعهم بأرض المحشر بإذا الفجائية فقال: فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ للإيذان بأن اجتماعهم هذا سيكون في نهاية السرعة والخفة، وأنه سيتحقق في أعقاب الزجرة بدون أقل تأخير.
ووصف- سبحانه- الزجرة بأنها واحدة، لتأكيد ما في صيغة المرة من معنى الوحدة، أى: أن الأمر لا يقتضى سوى الإذن منا بصيحة واحدة لا أكثر، تنهضون بعدها من قبوركم للحساب والجزاء، نهوضا لا تملكون معه التأخر أو التردد ... والمراد بها: النفخة الثانية.
وقال- سبحانه-: فَإِذا هُمْ بضمير الغيبة، إهمالا لشأنهم، وتحقيرا لهم عن استحقاق الخطاب.
وشبيه بهاتين الآيتين قوله- تعالى-: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ.
وإلى هنا نجد السورة الكريمة قد حدثتنا حديثا بليغا مؤثرا عن أهوال يوم القيامة، وعن أحوال المجرمين في هذا اليوم العسير.
ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك جانبا من قصة موسى مع فرعون، لتكون تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عما أصابه من هؤلاء الجاحدين، وتهديدا لهم حتى يقلعوا عن غيهم ... فقال- تعالى-:
[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ١٥ الى ٢٦]
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩)
فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى (٢٢) فَحَشَرَ فَنادى (٢٣) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤)
فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥) إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (٢٦)