للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله «وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ» أى إليه وحده يرجع الخلق فيجازى كل مخلوق بما يستحقه من خير أو شر.

ففي الجملة الكريمة تحذير من الإعراض عن دينه، لأنه ما دام مرجع الخلق جميعا إليه- سبحانه- فعلى العاقل أن يسلم نفسه إلى خالقه اختيارا قبل أن يسلمها اضطرارا، وأن يستجيب لأوامره ونواهيه، حتى ينال رضاه.

وبذلك تكون هذه الآيات الكريمة قد أقامت للناس الأدلة على صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم وأمرتهم بالدخول في دينه، وحذرتهم من الإعراض عنه بأجلى بيان وأقوى برهان.

وبعد هذا البيان الواضح والبرهان الساطع على صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر الله- تعالى- نبيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم أن يعلن على الدنيا كلمة الحق التي يؤمن بها، وأن يخبر كل من يتأتى له الخطاب بأن الدين المقبول عند الله هو دين الإسلام وأن كل دين سواه فهو باطل. لأن رسالته صلّى الله عليه وسلّم هي خاتمة الرسالات ودين الإسلام الذي أتى به ناسخ لكل دين سواه. استمع إلى القرآن وهو يبين ذلك فيقول:

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٨٤ الى ٨٥]

قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥)

قوله «وَالْأَسْباطِ» جمع سبط وهو الحفيد، والمراد بهم أولاد يعقوب- عليه السلام- وكانوا اثنى عشر ولدا قال- تعالى-: «وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً» .

وسموا بذلك لكونهم حفدة إبراهيم وإسحاق- عليهم السلام-.

والمعنى: «قُلْ» يا محمد لأهل الكتاب الذين جادلوك بالباطل وجحدوا الحق مع علمهم به، قل لهم ولغيرهم «آمَنَّا بِاللَّهِ» أى آمنت أنا وأتباعى بوجود الله ووحدانيته، واستجبنا له في كل ما أمرنا به، أو نهانا عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>