للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاءَ اللَّهُ. ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى. فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ «١» .

وقوله: وَجَعَلَنِي نَبِيًّا أدعو الناس إلى عبادته وحده وَجَعَلَنِي أيضا بجانب نبوتي مُبارَكاً أى: كثير الخير والبركة أَيْنَ ما كُنْتُ أى: حينما حللت جعلني مباركا، فأينما شرطية وجوابها محذوف لدلالة ما قبله عليه.

وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ أى: بالمحافظة على أدائهما ما دُمْتُ حَيًّا في هذه الدنيا.

وقوله: وَبَرًّا بِوالِدَتِي، أى: وجعلني كذلك مطيعا والدتي، وبارا بها، ومحسنا إليها، وَلَمْ يَجْعَلْنِي سبحانه- فضلا منه وكرما جَبَّاراً شَقِيًّا أى: ولم يجعلني مغرورا متكبرا مرتكبا للمعاصي والموبقات.

وَالسَّلامُ والأمان منه- تعالى- عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ مفارقا هذه الدنيا وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا للحساب والجزاء يوم القيامة.

فأنت ترى أن عيسى- عليه السلام- قد وصف نفسه بمجموعة من الصفات الفاضلة، افتتحها بصفة العبودية لله رب العالمين، لإرشاد الناس إلى تلك الحقيقة التي لا حق سواها.

واختتمها برجاء الأمان له من الله- تعالى- في كل أطوار حياته.

ثم ختم- سبحانه- هذه القصة ببيان وجه الحق فيها، وأنذر الذين وصفوا عيسى وأمه بما هما بريئان منه بسوء المصير. فقال- تعالى-:

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٣٤ الى ٤٠]

ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨)

وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٩) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠)


(١) سورة الزمر الآية ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>